يرتكز العمل
الجمعوي في المرحلة الراهنة على مبدأ الحكامة كمفهوم جديد و الذي يشكل بدوره إطارا
للتغيير و مدخلا للإصلاح، و رغم هذه الرؤية المتقدمة في الممارسة الجمعوية
بالمغرب، إلا أنه لا يمكن تجاهل الإختلالات البنيوية والوظيفية التي تعتريها.
وفي محاولة لرصد
هذه الاختلالات، ارتأينا الحديث عن ثلاث منزلقات (والتي تشكل في نفس الوقت مقومات
أساسية لبناء الذات الجمعوية)، والتي تتمثل في كل من المنزلق المالي و المنزلق
الإداري والمنزلق التواصلي.
المنزلق المالي
و المحاسباتي
عند الحديث عن هذا المنزلق، يمكن القول بأن العمل الجمعوي يعرف مجموعة من
الإشكالات وسوء التدبير، ولعل ذلك ما يؤشر على اهتزاز مبدأ الشفافية و غياب
الاحترافية و المهنية في التدبير المالي، إذ نجد أن القليل من الجمعيات من تستجيب
للمعايير العلمية والقانونية لعمل المحاسبة، بما في ذلك من توفر على سجلات و وثائق
تبريرية للعمليات المالية...
فالعمل الجمعوي في حاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى كي يرفع من جودة الشفافية
والفعالية المالية بداخله وبعقلنة الموارد و ترشيد النفقات، و هذا لن يتحقق إلا من
خلال مجموعة من العمليات التي تروم ضبط وتدقيق عملياته المالية و المحاسباتية.
والعمل وفق هذه المنهجية يعتبر مطلبا و لبنة أساسية لمبدأ الحكامة.
المنزلق الإداري
يعتبر التدبير الإداري الجيد من بين المرتكزات الأساسية التي يتأسس عليها العمل
الجمعوي، فلا يمكن الحديث عن فعل جمعوي يستجيب لمبدأ الفعالية دون الاستناد على
سيرورة من العمليات كالتخطيط و التنظيم و التحفيز و التنسيق و المتابعة و التقييم،
حيث يتخذ هنا مفهوم التدبير الجيد مفهوما متناغما و مطابقا للحكامة الجيدة.
فالعديد من الجمعيات التي تشتغل على المشاريع التنموية على الصعيد الاجتماعي
والاقتصادي و الثقافي البيئي تفتقر لهذا المرتكز، و بذلك تبقى بعيدة عن تحقيق مبدأ
الشرعية القانونية التي يعتبر ضروريا لقيام عمل جمعوي مهني ومحترف.
المنزلق
التواصلي العلاقاتي
يرتبط هذا الجانب بمجوعة من الآليات التواصلية التي تتخذ أبعادا عمودية وأفقية،
حيث تظهر أهميته أكثر و بوضوح حينما يجد العمل الجمعوي نفسه في حاجة إلى فتح آفاق
الشراكات مع فاعلين أو قطاعات أخرى ...أو حينما يصطدم الفعل الداخلي بمجموعة من
الممارسات التي تعطل و حركية الفعل الخارجي ، وبذلك تتشتت الجهود ويغيب معها مبدأ
الفعالية وقد ينعدم أحيانا...
فتأهيل العمل الجمعوي بوصفه "القطاع السوسيو ثالث"، مرتبط بعقلنة تدبير
موارده، ورهين بحسن إدارته و بفعالية تدخلاته على المستويين العمودي و الأفقي.
كانت هذه ثلاث منزلقات...، قد تشكل في نفس الوقت مقومات أساسية لفعل جمعوي
ناضج بعيدا عن الفساد المالي و الإداري والاسترزاق السياسي
guersif 24
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire